راهنت دولة قطر وقيادتها السياسية، التي تُولي اهتماماً خاصاً وكبيراً بالرياضة ودورها في التأثير بشكل إيجابي في بناء المجتمعات وريادتها على مختلف المستويات، على أكاديمية “أسباير”، التي كانت فكرة ثم تحولت إلى واقع بات حديث العالم بأسره.
وحصدت الدولة الخليجية، التي تعتبر رائدة في مجال احتضان البطولات والفعاليات الرياضية خليجياً وإقليمياً ودولياً، إعجاب العالم بفضل الأكاديمية، التي أُسست عام 2004 بهدف استكشاف المواهب الرياضية وجذبها ورعايتها.
ووضعت الأكاديمية القطرية رؤية تقوم على جعلها مرجعية في التميز الرياضي على مستوى العالم بحلول عام 2020، وهو ما نجحت فيه قبل هذا الموعد، بغية الارتقاء بالأداء الرياضي عن طريق التدريب عالي المستوى، وتدريس علوم الرياضة، كما أنها توفر برامج ومنشآت رياضية ذات شهرة عالمية.
وتؤدي دوراً رائداً من خلال دعم متطلبات كأس العالم 2022 بتطوير اللاعبين، وإرساء مكانة الأكاديمية في المجتمع القطري باعتبارها الوجهة التي تقصدها المواهب الرياضية.
وتعد مقصد أبرز أندية ولاعبي العالم من أجل إقامة معسكرات شتوية في ظل الأجواء المناخية المثالية التي تتمتع بها الدوحة في الشتاء، فضلاً عن كونها وجهة مفضلة لنجوم الساحرة المستديرة وغيرها من الألعاب للاستشفاء والعلاج والتأهيل الرياضي.
كيف وصلت قطر إلى هذا التميز؟
وأعاد النجاح الكبير لمنتخب قطر لكرة القدم، الذي تُوّج لأول مرة في تاريخه بطلاً لكأس الأمم الآسيوية مطلع فبراير 2019، تسليط الضوء على أكاديمية التفوق الرياضي في قطر، وكيف نجحت في تخريج رياضيين قطريين قادرين على التألق قارياً ودولياً، على غرار معتز برشم، بطل العالم في مسابقة الوثب العالي.
وبالعودة إلى قصة إنشاء الأكاديمية، فقد تحولت منطقة “أسباير زون” في ظرف سنوات قليلة من أرض صحراء قاحلة إلى مدينة رياضية شاملة، بمساحاتها الخضراء الشاسعة، ومنشآتها الرياضية التي أهلتها لاستضافة كبرى الفعاليات الرياضية، لتصبح نقطة تحول في حياة الدوحة.
في عام 2003 وُضع حجر الأساس لمشروع المدينة الرياضية، لبناء أكاديمية وملاعب رياضية عالية المستوى، تكون قادرة على استضافة الأحداث والمسابقات والمنافسات على مختلف الأصعدة؛ عربياً وآسيوياً وعالمياً.
وافتتحت أكاديمية “أسباير” في عام 2004، بمشاركة نخبة من أساطير الرياضة العالمية على رأسهم الأرجنتيني دييغو مارادونا، والبرازيلي بيليه، والعدَّاءان المغربيان سعيد عويطة وهشام الكروج، وغيرهم.
واستضافت الدوحة، عام 2006، دورة الألعاب الآسيوية، التي تُعد ثاني أكبر تجمع بشري لبطولة للألعاب المتنوعة على مستوى العالم بأسره بعد الأولمبياد، ثم افتتح “سبيتار” بعد عام واحد، ليكون أول مستشفى متخصص في الطب الرياضي وجراحة العظام في منطقة الخليج.
وشكل “الآسياد” خطوة حقيقية لرؤية قطر الرياضية، التي تمثلت بإنشاء أكاديمية لإعداد الجيل القادم من الرياضيين (أسباير)، ومستشفى رياضي متكامل يوفر للرياضيين من كل أنحاء العالم خدمات علاجية رفيعة المستوى (سبيتار)، ومنظمة لإدارة المنشآت الرياضية والفعاليات وفقاً لأعلى المعايير العالمية (أسباير لوجستيكس).
وفي 7 يناير 2008 أصدر أمير قطر السابق، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، مرسوماً أميرياً بإنشاء مؤسسة “أسباير زون”؛ للمساهمة في توفير بيئة رياضية عالية المستوى، والارتقاء بمستوى الرياضة، وإعداد كفاءات رياضية مدربة تدريباً بدنياً وعلمياً وتربوياً في مختلف التخصصات، بما يفي باحتياجات المجتمع القطري ويحقق طموحاته في المنافسات الرياضية إقليمياً وعالمياً.
كما استهدفت قطر من وراء إنشاء “أسباير زون” الترويج لأسلوب حياة صحي بين أبناء المجتمع؛ سعياً لتحقيق ركيزة التنمية البشرية لرؤية قطر الوطنية 2030.
ماذا تضم “أسباير زون”؟
وتضم “أسباير زون” أرقى المرافق والخدمات الرياضية على مستوى العالم؛ وفي مقدمتها قبة أسباير، أضخم قبة رياضية متعددة الأغراض في العالم، حيث يوجد بها 15.500 مقعد موزعة على 13 قاعة رياضية منفصلة، إلى جانب مجمع حمد للألعاب المائية الذي يستوعب 4500 مقعد، وصالة الألعاب الرياضية للسيدات بسعة 2500 فرد، حيث تستضيف هذه الصالات وغيرها من مرافق أسباير زون أنشطة رياضية وثقافية عديدة طيلة العام متاحة أمام جميع سكان قطر.
وتُعد “أسباير زون” مدينة رياضية ضخمة، وتتألف من عدة نوادٍ رياضية تلبّي رغبات محبي جميع الرياضات المختلفة، وفيها استاد “خليفة الدولي” بحُلته المونديالية، ومركز تسوق تجاري ضخم، وحديقة فيها عدد كبير من الأشجار المتنوّعة، إضافة إلى فندق وبرج الشعلة، وغيرها من المرافق الرياضية.
وكجزء من مسؤولية أسباير بالمشاركة في تثقيف المجتمع بتبني نمط حياة صحي ورياضي، تستضيف المدينة مجموعة متنوعة من الفعاليات المجتمعية الرئيسية على مدار العام.
وتقدم مؤسسة “أسباير زون” خدمات الطب الرياضي، والدراسات والأبحاث المتعلقة بصناعة الرياضة في العالم؛ فهي مزودة بإمكانيات تجعلها قادرة على تلبية جميع المتطلبات الرياضية على أعلى مستوى، بدءاً من استضافة أضخم الفعاليات الرياضية، كما تُقدم المؤسسة الخدمات الإدارية اللازمة للعديد من مجالات الألعاب الرياضية.
وتضم أيضاً مستشفى “أسبيتار” لجراحة العظام والطب الرياضي الذي يضم داخله المركز الطبي المتميز المعتمد من “الاتحاد الدولي لكرة القدم” (الفيفا).